بحسب تقرير وكالة آستان نيوز فإن آية الله أحمد مروي، بالتزامن مع أسبوع الكتاب وخلال لقاء مع مجموعة من مؤلفي الأعمال التي تحمل تقريظ قائد الثورة، والذي عُقد في مکتبة "به نشر" في باب الجواد بالحرم الرضوي المطهر، أكد: يجب ألا تكون القراءة برنامجاً احتفالياً أو تقتصر على فئة معينة، بل ينبغي أن تتحول إلى جزء من حياة الشباب وعموم الناس.
إحصاءات القراءة المقلقة؛ ضرورة اتخاذ إجراء عملي لا شعاري
أشار متولي العتبة الرضوية المقدسة إلى تدني إحصاءات المطالعة في البلاد مصرحاً: اليوم، إحصاءات القراءة في إيران ليست في وضع جید، ويجب القيام بإجراء جاد وميداني لتصبح القراءة جزءاً من حياة عامة الناس. وأوضح آية الله مروي، داعياً الكتّاب من جميع أنحاء البلاد للتعاون في هذه النهضة الثقافية: هدف هذه الحركة هو خلق جو عام للقراءة بين مختلف شرائح الناس والشباب، لكي تخرج القراءة من كونها برنامجاً جانبیا وفي المناسبات.
وأعرب عن أمله من خلال إقامة المهرجانات والمسابقات القرائية، التمكن من توجيه جزء من اهتمام الجيل الشاب نحو المطالعة والتفكير.
وخاطب الكتّاب في سياق حديثه قائلاً: يجب أن تحمل كتبكم مظهراً من الإمام الرضا (ع). إن الحب للإمام الرضا (ع) اليوم ليس مجرد مسألة دينية، بل هو قضية وطنية ودولية وعابرة للأديان، بين المسلمين و غير المسلمين؛ من الزوار الزرادشتيين إلى المسيحيين الذين يقيمون معه تواصلاً روحياً. يجب علينا الإستفادة من هذا الحب لتوجيه وتبيان الثقافة الرضوية.
وأضاف، موضحاً أن زيارة الإمام الرضا (ع) قد تجاوزت حدود الدين وتحولت إلى جاذبية إنسانية وعالمية: تظهر كرامات هذا الإمام كل عام في قالب الشفاء والهداية وتغيير القلوب، ويجب على وسائل الإعلام أن تنقل هذه المظاهر بلغة الفن والأدب.
وفي سياق آخر، صرح متولي العتبة الرضوية المقدسة: قبل الثورة، كان عدد الكتّاب المؤثرين في البلاد ضئيلاً جداً. اليوم يجب علينا تعويض هذا النقص من خلال دعم أهل القلم وتشجيع الكتّاب الملتزمين.
التقريظ: إحياء سُنّة الأعلام المنسية في الإشادة بالآثار الفاخرة
وفي جزء آخر من حديثه خلال لقائه بالكتّاب، وصف متولي العتبة الرضوية المقدسة التقريظ بأنه سُنّة أصيلة، تحافظ بالقلم المؤمن على إبقاء ثقافة الإيمان والجهاد والحقيقة حية في المجتمع.
وأوضح قائلاً: كان من المعتاد في الماضي أن يكتب الأعلام في بداية الكتب أو نهايتها نصاً موجزاً تحت عنوان تقريظ؛ وهذا كان بحد ذاته علامة للقارئ على الثقة في صحة وقيمة محتوى ذلك العمل، لكن للأسف، طوى النسيان هذه السُنّة تدريجياً.
وقدّم آية الله مروي قائد الثورة الاسلامية بصفته مُحيي سُنّة التقريظ، وقال: حتى الآن، تجلّى موضوع الشهادة وأبطال هذا المضمار في مثل هذه الأعمال في فضائنا الأدبي والثقافي، والأبطال الذين يُعرَّفون في الكتب، يساهمون في تعريف المجتمع بخصائصهم وسماتهم المميزة
سِيَر وحكايات العلماء؛ نموذج تربوي للمجتمع المعاصر
وأضاف: كان العلماء والفقهاء في الماضي، وإلى جانب المباحث العلمية، يتناولون سِيَر العلماء، والنموذج الواضح لذلك هو العلامة المجلسي الذي ترك وراءه آثاراً خالدة في مجالات الكلام والتفسير والرجال بالإضافة إلى جمع الأحاديث. كما قدّم عظماء آخرون، كالعلامة الأميني، نموذجاً علمياً وتربوياً من خلال تأليف كتابه القيّم الغدير ومجموعات حول سيرة العلماء. هذه الآثار لم تكن مجرد سِيَر ذاتية بل كان لها دور مفتاحي في تربية المجتمع.
وقال: رحم الله العلماء العظام الذين أبقوا سُنّة رواية ذكريات العلماء والأعلام حية؛ وهي ذكريات كانت مليئة بالرسائل الأخلاقية والتربوية.
ونوه متولي العتبة الرضوية المقدسة، مؤكداً على تأثير الرواية والقصة في توجيه المجتمع، قائلاً: القرآن الكريم مليء بالقصص والنماذج الواقعية؛ وسور مثل سورة يوسف والقصص شاهدة على أهمية السرد في هداية البشر. لقد استخدم الله تعالى القصة لهداية الناس ونقل المفاهيم التوحيدية والأخلاقية. وقد تكررت قصة إبليس ورفضه السجود لآدم في عدة سور لتكون دروساً متكررة للبشر. بناءً على ذلك، تعد الرواية أداة مهمة في التربية الفكرية للمجتمع.
وأضاف: سِيَر الشهداء تحمل نفس هذا الدور، لأن المتلقي يتواصل معها بسرعة. فكل شهيد لديه خصائص مميزة كانت منشأ لمقامه ودرجته، ولذلك فإن التعريف بهذه الخصائص يترك أثراً عميقاً في نفوس الناس.
وأوضح آية الله مروي: إن قائد الثورة يتصرف أيضاً بدقة خاصة في هذا المجال. فهو من محبي المطالعة، ونظرته إلى أعمال الشهداء والكتّاب نابعة من اهتمام معنوي وليست شكلية أو تشريفية. وحتى في الفترة التي كان فيها منشغلاً بقضايا مختلفة وحرب الـ 12 يوماً، لم يترك قراءة هذه الكتب بدقة، بل وكتب عليها هوامش وصلت إلى أيدي الكتّاب أيضاً. إن هذا التعمّق والاهتمام الكبير في تبيين المفاهيم الجهادية والمعنوية، هو دليل على المكانة الرفيعة لجهاد التبيين في فكر قائد الثورة.
رواية أهل القلم، امتداد لجهاد التبيين وتعظيم الشعائر
وأشار، إلى استمرار سُنّة السرد والتبيين من قِبل الكتّاب، وهو ما يمثل مصداق تعظيم الشعائر، قائلاً: إن تعظيم الفضائل وعكسها في المجتمع من خلال القلم، هو ذاته جهاد التبيين. وهو نفس الطريق الذي سلكته السيدة زينب (ع) والإمام السجاد (ع) بعد واقعة عاشوراء للحفاظ على فضائل عاشوراء بعيدة عن خطر التحريف.
ووفقاً لمتولي العتبة الرضوية المقدسة، يجب أن يستمر هذا السرد القصصي وأن يتعرف الجيل الجديد على هذه المفاهيم.
وأشار آية الله مروي إلى أنّ قائد الثورة أمر بترجمة بعض هذه الكتب، لأن القرّاء لا يقتصرون على الإيرانيين فحسب، بل يمكن لجميع الباحثين عن الحقيقة في جميع أنحاء العالم الاستفادة من هذه المعارف. ونحن نشهد اليوم كيف أن الأفكار الثورية والدينية الإيرانية تحظى بالاهتمام والتحليل في العديد من الجامعات الكبرى في العالم.
في بداية هذا اللقاء، قامت مجموعة من الكتّاب الحاضرين في الجلسة، من الرجال والسيدات، بتقديم وجهات نظرهم في مختلف المجالات الثقافية، وخاصة أدب الدفاع المقدس وشملت المجموعة كلاً من السادة: علي رضا مختار بور قهرودي، الكاتب والرئيس السابق لمنظمة الوثائق والمكتبة الوطنية للجمهورية الإسلامية الايرانية؛ حميد حسام، كاتب "الماء لا يموت أبداً"؛ محسن مؤمني شريف، مؤلف "في كمين الوردة الحمراء"؛ مهدي قزلي، كاتب "النوافذ العطشى"؛ محمد مير كيائي، كاتب "تن تن والسندباد"؛ والسيدات راضية تجار، كاتبة "اسمك مصطفى"؛ فاطمة دوست كامي، كاتبة "جندي الإمام الصغير"؛ وساجدة تقي زاده، كاتبة "السيدة قمر". وشدد الحاضرون على ضرورة إجراء بحوث معمقة ومنهجية في مجال أدب الدفاع المقدس، وإنشاء منتدیات للتنظير في مجال أدب الثورة والدفاع المقدس، ودعم المواهب الشابة، وتعزيز الأرضية اللازمة لإنتاج أعمال فاخرة في هذا المجال.
الكلمات الأساسية: العتبة الرضوية المقدسة، متولي العتبة الرضوية، التقريظ، قائد الثورة الإسلامية